2015-01-18

كيف تواجهين أزمة عاطفية

 
 أكتبُ هذه الكلمات لكل فتاةٍ تُريد أن تتعافى لكي تُشرقَ من جديد، خُطوات واضحة تُعين نفسَ الأنثى لتجاوز الحُزن والإرهاق النفسي. 




الطبيبة النفسية الروسية "إليزابيث كوبلر" قامت بتقسيم ردة الفعل الناجمة عن الصدمة العاطفية التي تواجهنا عندما نمر بحدث حزين مثل موت قريب أو خسارة حبيب أو الإصابة بمرض عضال أو ضياع ثروة أو ما شابه إلى سلسلة من المراحل العاطفية؛ وهنا في هذه التدوينة سأتناول هذه المراحل في إسقاط عاطفي لحالة "فقدان الحبيب" أو "خسارة الحبيب" من جانب الأنثى في داخلي ومَن هي في داخل كل واحدة من صديقاتي.


  
1. الإنكار - Denial

يبدأ الرَجل بتجاهلكِ في هذه المرحلة، ويملؤ كلامه بالحجج كي يقضي أقصر وقتٍ ممكنٍ معكِ بعد أن كُنتما تعيشان حالةَ حُبٍ ذهبية: "لا أستطيعُ التحدث لمدة طويلة فالعائلة تنتظرني"، "مشغول الليلة، نتحدث غداً؟"، "لن نستطيع أن نتقابل اليوم".

ويبدأ باختصار ردوده في الرسائل: "نعم، أنا بخير. وأنتِ؟" ثمّ تصبح: "نعم، أنا بخير." ثمَ.. لا يَرد أبداً، ولا يجيبُ على اتصالاتك.. تبدأينَ بالحسابات والقلق الشديد على أوقاته وأوقاتك، مرَّت ساعة ولم يَرد، مرّت ساعتان. مرَّ يوم.. مرّ يومان.

 يَرُد في اليوم الثالث لأن شعوره بالذنب ما زال يُحيك في صدره اتجاهك، فيُحييَ الأمل في داخلكِ من جديد: "نعم نحنُ ما زلنا بخير ومازال يُحبني." صديقتي، هو لا يُحبكِ الآن كثيراً.. ولكنَّ هذا الرجل أجبنُ وأضعف من أن يعترفَ أمامك برغبته في إنهاء هذه العلاقة، لعله أقلُ نُضجاً من إنهاء هذه العلاقة بشكلٍ أنيق وأقلُ ألماً، لهذا يختارُ الطريقة الأسهل بالنسبة له: التَجاهل. 

تبدأين بالتساؤل مع نفسكِ؛ "أيعُقل أن هذه إشاراتٌ منه لإنهاء ما بيننا؟ هل هنالك واحدةٌ أخرى؟ هل هذا مزاجهُ السيء طالَ أكثرَ مما يَجب؟"، عليكِ هُنا أن تبدأي بتقبل هذه الاشارات الذي يُرسلها، فهو يُخبركِ من خلالها أنه ولعدَّةِ أسباب لا يُريد دوام هذه العلاقة، و الله -عزَّ وجل- يُخبركِ عن طريق هذا الرَجُل بأنك تستحقين أفضلَ منه.

أيضاً تكادينَ لا تُصدقينَ ما يَحصُل، وتستمرينَ في خلقِ الأعذار له وانتظاره وإنكار كل ما يُمكن أن يحصُلَ من فُراقٍ في داخلك، وفي يومٍ ما تهيجُ بكِ عاطفتُكِ وتشعرينَ بأنكِ لست قادرةً على الانتظار أكثر فتقررين مصارحتَهُ ليفاجَئكِ بقوله أنه فعلاً لا يُريد الاستمرار معكِ، وأنَّ هذا القرار أفضلُ لكِ قبلَ أن يكونَ أفضل له.. رجالٌ آخرون في هذا الموقف يسردونَ كل عيوبك كقصة حفظوها عن ظهر قلب، تكون عيوبك وأخطاؤكِ هي سبب هذا الانفصال (ولعل نصف هذه الأخطاء لم تقصديه ونصفها الآخر مُختلق.. لا عليكِ). 

تتحدثينَ مع نفسك، وتباشرينَ بالاتصال بصديقتكِ المقرَّبة؛ "أيُعقل أنه يتخلى عني؟ لعلهُ مُتردد.. ربما يُريدُ التفكير في الأمر مرة أخرى." ترسلين لهُ بعضَ الرسائل لاستجدائه ولدعوته للتفكير مرة أخرى، تحاولينَ الاتصال به فلا يُجيب.. صديقتي دعكِ من كل هذا، هُوَ لا يُريدكِ، عليكِ تقبلُ الواقع، آن آوان البدء بالخروج من هذه العلاقة. 

هُنا، وكردةِ فعلٍ طبيعيةٍ منكِ، فإنكِ تشتعلينَ غضباً منه وحنقاً عليه، وتدخلين المرحلة العاطفية الثانية.

2. الغضب - Anger

 وغالباً ما تكونُ مشاعرُ الغضب مشوبةً برغبةٍ جارفةٍ في استرجاع ما كان، لكنكِ لستِ الآن في مرحلة صحية لاتخاذ قرارات أو حتى قولِ كلامٍ سليم. المشاعرُ عاصفةٌ في داخلك والأفكارُ تطاردكُ والدموع والذكريات؛ كيف لهذه الروح التي كانت معي
 وقريبةً مني، تُسمِعُني أجملَ كلام الحُب وتواسيني، ترغبُ بسعادتي ومُشاركتي كل التفاصيل، كيفَ لها أن تتنكر! تلكَ الروح التي أخلَصتُ لها كيف لها أن تخون! ذلك الوَجهُ الذي حفظته، والشخصيةِ التي حفظتُ معالمها.. يُريدُ أن يجعلَ منها شخصيةً غريبةً عليَّ بعيدة! الأحمق، وبعدَ كُلِ هذا الحُب! سأريه..

تلجأ البعضُ إلى ارسال رسائل المعاتبة والغضب والشتائم بل وتبدأ في انقاص قدر هذا الرجل (وهي بذلك لا تُنقِصُ إلا قدر نفسها) وتستغلُ أي فُرصةٍ لتجريح ما كان بينهما، أخرياتٌ قد تلجأن إلى الخيانة كأسلوبٍ لتفريغ هذا الغضب وتَضيعُ ذاتها بينَ رَجُلين. 

صديقتي لستِ بحاجةٍ إلى هذا التشتت، ولا لهذه الطاقة السلبية تملؤ قلبكِ. عليكِ باتباع وسائل صحيّة لتفريغ هذا الغَضب:
1.اذكري الله (التسبيح، الاستغفار، الدعاء..) ففيها طمأنينةٌ للقلب وهدهدةٌ للنفس.
2.مارسي الرياضة حيث أنها تُفرغ الطاقة السلبية وتزيد ن ثقتك بنفسك وتعزز الشعور بالانجاز
3. تناولي خسة كاملة أو تفاحة أو جزرة.. كذلك مضغ العلكة (شعور المضع يُريح بعض الفتيات)
4. اتصلي بصديقة قريبة منكِ واصرخي وأخرجي كل ما في داخلك
5.أضربي الوسائد بالسرير في كل صباح
6.إياكِ ثُمَ إياكِ أن تتحدثي معه

الأهم هو أنتِ وشعوركِ بذاتك في هذه المرحلة، عندما تبدأينَ بالابتعاد عنه ستقتربين من ذاتكِ التي كانت بعيدة عنكِ لفترة طويلة، ستجدينها غريبةً من دونه، لا تفقدي الصبر لأنكِ ستألفينها قريباً ولكن إياكِ أن تتحدثي معه أو تتواصلي معه، لن تحرزي أي تَقدُم ولا تَحسُن. جدي نفسكِ بهذا الغَضب، لا تُضيعيها.

3. المساومة - Bargaining  


-They all come back at the end-

من طبيعة الرَجُل أن يظهرَ بعدَ مُدةٍ من الغيابِ ظُهوراً مفاجىء، إما أن تكونَ هذه العودةَ نابعة عن شعورٌ خفيف بالذنب أو عن ملل أو عن شوقٍ حقيقي لكنه شوقٌ لا يكفي لأن تعودَ العلاقةُ كما كانت سابقاً. 

هُنا عند عودتهِ وظهورهِ مرة أخرى، سيكون الغضب قد بدأ يتلاشى في صدركِ، وستكون نفسكِ هادئة ومتفاجئة بل ومسرورة جداً بهذه العودة! مُستعدة لبذل كل ما يُطلب منكِ لكي تُعيدي هذا التواصل كما كان، مستعدة لوضع الشروط وتطبيق ما يضع هو من شروط لتعيدي هذا الرجل جُزءاً من حياتك؛ مقابلة واحدة في الأسبوع، مكالمة واحدة في الأسبوع، مكالمة واحدة أخيرة، "طيب.. لن نتكلم في هذا الموضوع مرة أخرى"، "طيب.. لن أسال عنكَ إلا إذا سألت أنتَ في البداية"، "إذا أقفلتَ في وجهي لن أتصل بعدها مرة أخرى"، وتبدأينَ بالتنازل شيئاُ فشيئاً.. 

فقط لتبقي حِس هذا الرَجُل في حياتك، تعتقدين أنكِ ستستعيدينَ السعادة الماضية، والحُب الكبيرَ الفائت، ولكن عليكِ صديقتي أن تدركي أنَّ هذهِ أخطرُ مرحلة عليكِ؛ المُساومة على ذاتك وعلى حسابِ راحتك وعلى أمنياتك وعلى ما تستحقين، فالرَجل الذي لا يخافُ الله ولا يخافُكِ فيه، لن يُمانع بقائك في حياته بالطريقة التي يختارها هو وضمنَ شروطه، للتسلية حتى يجِدَ تلكَ الأخرى وحتى لو وجدها لربما يُبقيكِ كماضٍ لذيذ، أنثى طائعة حمقاء يأخذُ منها فقط ما يُريد أن يأخُذ.. هي التي ساومت على نفسها ورضخت. 

كوني حذرةً فبعضُ الفتيات قد تعلق في هذه المرحلة لشهور بل لسنوات، صدقيني.. الرَجُل لا يَستحقُ منكِ كُلَّ هذا.. نفسُكِ تستحقُ أفضلَ من هذا. 

4. الاكتئاب - Depression 

"ما نَفعُ كُلَّ هذا؟ لقد تعبت.. فراقٌ غيرُ متوقع، خيانة قريبة، كُل هذا الحُزن لا يُطاق، كثيرٌ على قلبي.. كثيرٌ علي." 

تبدأين بتحاشي الناس وتُفضلينَ في هذه المرحلة االبقاء وحيدة، يُسيطر الحُزن عليكِ.. البكاء متواصل، لو تكلمت ستبكي ولو استمعتِ لأغنيةٍ ستبكي، الذكرياتُ كُلها تحيطُ بكِ والأيامُ طويلةٌ جداً، وأنتِ لا تُطيقينَ فعلَ شيء.. ليتهُ يرسل لي شيء، ليتهُ يجيبني، ليتهُ قريبٌ الآن.. وهو بعيدٌ عنكِ ولعله قد نسيكِ الآن فلا يُفكر بكِ أبداً.

 يدعونك صديقاتك للخروج فترفضين، حتى الجمعات العائلية لا تروقكِ، والدراسة ستُعدُ نشاطاً مُملاً، وأي نشاطٍ سابق كنت تقومينَ به سيكون مملاً ولا معنى له. البعضُ سيبدأنَ بتناول الكثير من الطعام والبعض الآخر ستمتنعنَ عن الطعام، كل هذه عاداتٌ غيرُ صحية وستكسِبُكِ المزيدَ والمزيد من الحُزن، لا مانعَ بأن تأخذي وقتكِ في ممارسة
طقوس الحُزن الخاصة بكِ لكن يجبُ عليكِ أن لا تتجاوزي هذا الحُزن لتصلي إلى الاكتئاب. سيأكُلكِ.. 

لا ترفضي الخروج بل أخرجي، لا تتكاسلي عن الدراسة بل أدرسي، في البداية ستكون أنشطة صعبة لكنها ستساعدكِ على أن تتعافي من حيثُ لا تدري.. فكري كم أنتِ محظوظة لخروجكِ من علاقة كانت ستنهكُ عاطفتكِ وتُحرقُ قلبكِ الكبير الكبير، الذي خلقهُ الله وردةً بيضاء لكِ ولشخصٍ سيقدرهُ في الوقت المناسب. 

اخلقي أنشطة جديدة لم تعتادي عليها، وفي هذه المرحلة بالذات تخلصي من كل الذكريات، احرقيها من الواقع ومن قلبك، الأماكن التي تذكرك به اذهبي إليها وتخلصي منه هناك، الأغاني التي تربطكما معاً اسمعيها وكرريها وابكي عليها حتى تفقد معناها، اتلفي هداياه، قولي اسمه بصوتٍ عالٍ وقولي "دعني وشأني، غادرني." لا تبخلي على نفسكِ بأي تجديد. تخلصي من ملابسك القديمة مثلاً، أي تجديد قد يفي بالغرض على حسب قدرتك.

متى ما راودتكِ ذكرى منه، فكري بأي شيءٍ آخر.. أحد الأصدقاء نصحني مرةً بأن أفكرَ أني مستلقيةٌ على عشبٍ أخضر وبرج إيفل أمامي، ونجحت الفكرةُ معي. 
في هذه المرحلة أنت تقفين أمام خيارين، إما أن تجابهي هذا الحزن بقوة وتتمالكي قلبكِ من قسوة ما مررت به، أو أن تستلمي للحُزن فالاكتئاب، وبهذا تكونين قد سمحت لهذا الرجل ببناء جدار اسمنتي داخل قلبك لن تتخطيه يوماً.

5. القبول - Acceptance 


 إنها رَوعةُ القُبول، إنها روعةُ الرضا، إنه اليومُ الذي تستيقظي فيه لتنظري إلى السقف وتبتسمي: "نعم، إنه يومٌ جديد، وفرصة سعيدة وجديدة." يومَ تُصدقي أنك لن تحتاجي لِرجلٌ ولا أي أحدٍ آخر لتكوني أنتِ ذاتٌ متفردة، تملكُ الكثير لتعطي ولتزدهر، لتتعلمَ وتعمل وتقرأ وتدرس وترقص وتتجمل.

إنه النُضج العاطفي اللذيذ الذي رافقتهِ أنتِ وقلبكِ، حتى هذه اللحظة ليصِلَ معكِ إلى تجربةٍ خالصة وخالية من الألم، تجربة ثمينة ستُعلمكِ درساً أبدياً وهو: أن لا يقفَ رجلٌ في طريقك، وأن لا تضعفي أمام حُزنك. الحُب الجديد قادم وقلبكِ لا بُدَّ أن يُزهر، إنها سُنّة الله في كونه.


*ملاحظات: 
- امنحي نفسكِ الوقت اللازم لِكلُ مرحلة من المراحل، لا تحاولي تخطي مرحلة دون أخرى.

- بعد مرورك بالمراحل الخمس بنجاح، ستأتيكِ ذكرى في يومٍ ما، وستبرقُ في خاطرك مشاعر حُب، لربما تذرفي عليها دمعة.. أو يضيقُ بها صدركِ، استنشقي الهواء ودعيها تَعبُر، لا تقفي عندها كثيراً.


- أنصح بقرآءة كتاب "نسيانcom" للكاتبة أحلام مستغانمي، كل أنثى جميلة عليها أن تقرأ صفحاته لتبقى قويةً، طاهرة الفؤاد والرؤى. - رابط تحميل الكتاب -





2013-12-15

السعادة


اليو تيوب YouTube كان من أقرب أصدقائي في هذه العطلة المفاجئة، وأثناء تجوالي فيه صادفتُ هذا الفيلم القصير والعميق؛ شاب يجري اختبارات على مفهوم السعادة ونسبتها عند عدد مختلف من الأشخاص كعينة مجتمعية، ليجد أن هنالك سيدة تحقق أعلى نتيجة في اختبار السعادة فيسألها ما سبب هذه النتيجة المُدهشة؟ فأجابته:

"إني باختصار سأخبرك بما أفعلهُ كُلّ يوم، إني أستيقظ وأقرر بأني سأختار اليوم لأكون سعيدة ومُعافاة وبصحة جيدة، ثم أشكر الله لأنه أمكنني من الاستيقاظ، ثم أشكره لأن هنالك مياهاً في دورة مياه المنزل، ولأني أملك الصابون ومعجون الأسنان.. هنالك الكثير من الأشخاص حول العالم لا يملكون أياً من هذه الأشياء! وأشكره على الطعام، لأننا أحياناً نظنُ بأننا غير قادرين على اكمال هذا اليوم أو تحمل المزيد.. وننسى أننا محظوظون وتحيطُ بنا نِعمٌ كثيرة. ثم أشكر الله على السلام في منزلي، أملك منزلاً هادئاً! ثم أتأمل وبعد أن أتأمل وأنهي صلاتي أقول: حسناً يا رب كيف لي أن أخدمكَ اليوم، هل يوجدُ أحدٌ لأقدم لهُ المُساعدة؟ وأخيراً أشاهد الرسوم المتحركة cartoons، وأنتظر خلال مشاهدتي الإجابات على جميع أسئلتي.. وهذا هو اليوم السعيد بالنسبة لي! فالرسوم المتحركة لا يوجدُ فيها أي مشاكل وهناك دائماً نهاية سعيدة.. وهنالك العديد من الرسوم المتحركة التي أتابعها!" وتضحك. 

أحببتُ مشاركة هذا الفيلم لأني أحتاجُ مراجعة النعم الكثيرة التي تحيطُ بي وإبقاء السعادة مشتعلة في قلبي.  

الرسوم المتحركة المُفضلة بالنسبة لي هي: جامبول، وقت المغامرة، توم و جيري. ما هي الرسوم المتحركة المُفضلة بالنسبة لك؟ :) 

 


2013-11-15

"لا أعرفُ قصاصاً أكبر من الحُب"

في ساعات الليلِ المتأخرة أشكُ إن كان قلبي قد صَفا منك بعد، وأعلم أن الصفحَ والنسيانَ هو راحةٌ لنا قبل أن تكون راحةً للطرف الآخر، لكني مازلت غير قادرة على تحديد ذلك .. أحتاج أن أجدَ نفسي بعد أن ضاعت في تشتتك وقلبي يحتاجُ أن يلُّمّ شعثه بعد هبوب العاصفة، أرهقتُ كثيراً حين وجدتُ نفسي بين ضعفي وبينك، فضعفي هو حبّةُ لوزٍ مُرّة، طريةٌ رطبةٌ من الداخل وأنتَ لم تقبضها مرة واحدةً بيدك.. ولكنّ الليل وساعاتهِ لم يعد يعني لي مرورَ وقتٍ على فراقنا بل أصبح يُشكِلُ مساحاتٍ أكبر أجني فيها الكثير من ثمارٍ خلّفتَها في قلبي، قلبي الذي أحرِصُ على سكينته دوماً حتى أعانقَ هذا الكون في كل صباحٍ وأنام على حُبهِ في كل ليلة.

 الحُبُ هو السعادة الكبرى والطموح الأعلى والوجعُ الأعمق، ومن حب الله أستمد كل حب.. إنّ هذه الكلمة المتسعةُ بحجم البؤس على هذا الكوكب والعميقةُ كورقةِ وردٍ غارقة والأبديةُ كجسر فرنسيٍ طريقهُ لا ينتهي؛ تُغَلِفُ قلبي وتبقيهِ دائماً منفتحاً وهائماً يبحثُ عن حُبٍ جديد، فالحُب ليس مَحصوراً بي ولا بكَ ولا بأي فردٍ كان، بل هو كيانٌ بحد ذاته مستمدٌ من الأعلى، ليُكمِّلنا، وإنه لمنَ الأنانية المحضةِ اختزال هذه المشاعر كُلِّها في شخص ما وتجسيد الحنان في روحهِ الصلبةِ التي لم تلمس جدار الحنوَّ ولا الحساسية.

الحُبُ دائم التجددُ ولا ينتهي، ومن موتِ حُبٍ قديمٍ يولدُ حُبٌ أكثرُ حيويةٍ ونبض..أصحو يوماً ﻷحبَ زهرةً وفي يوم آخرَ أصحو ﻷحبَّ دمعة أمي، ومن هذا الاتساعِ كُلّهِ أستمدُ طاقتي لأتخطى حدوداً رسمتها لي علاقاتٌ اجتماعيةٌ زائفة.




العنوان مقتبس
"لا أعرفُ قصاصاً أكبر من الحُب"-أنسي الحاج

 





2013-09-23

تنهيدة


الحياة تبدو الآن نافذة تطل على كل المدينة، أشعر بالسعادة المطلقة، تلك المشوبة بالحسرة.. الحفرة السوداء في قلبي صغيرة وستبقى صغيرة، كل ما أريده هو الكتابة والاستمرار بالكتابة حتى آخر يوم وحتى آخر لحظة.. الليل شموع تنطفىء في قلبي وتذوب في كل يوم أكثر والحب شعلة خافتة.. أود عملاقا يحتويني في بيته الصغير ويعتني بي، أود لوزة وسكر أحلي بهما فمي في كل صباح، أود مروجا خضراء أستلقي عليها حتى أتعب. أود أياما لا يأتي فيها ليل.. وثيابا لا يبدو عليها تعب.
الزمن حلقة تدور بي وأحلامي مناطيد طائرة.

2013-05-09

جوزاء

سعيدة أني علقتُ معك في أحجية غير محلولة، وسعيدة أنك أصبحت جواز سفري الحزين الأبدي، وأن مشاهدتك أصبحت شاشتي السينمائية المفضلة. كثيرةٌ هي الأفكار في داخلي وصاخبة هي الدنيا من حولنا وأنت الرمال الهادئةُ تحت قدمي وصوتُ "تانجو" أزرق من خلف البحر.. أخطو نحوك خطوةً فأخاف لأعود اثنتين للوراء، وقلبي يودُ لو ينهمر.

هل تستطيعُ قرآءة عيوني عندما أنظرُ إليك؟ هل تستطيع فهمَ كل ما أريدُ قولهُ ولا أقوله؟ هل تشعرُ بتسارعُ البنفسجِ في صدري، بنفسَجُكَ يحتلُ أروِقةً قلبي، وبأثرِ الموتِ القادم؟ أجل الموت القادم.. أنتَ من جعلت الموت عندي مُتعةً قبل الفكرة، تعال كلمني لأدفنَ نفسي في مخيلتك. 

كل ما حولي هو من سوء الطالع وأنتَ الرقية الشرعية الوحيدة، أتلوكَ عليّ في كل صباحٍ ومساء.. كم هي سريعةٌ الأيام تخطفُ منّا الحُب وتطلقُ فينا الشوق، يُبحر فينا ونُبحرُ فيه دون مرسى.


2012-11-24


أستيقظ غالباً وأنا على علم دقيق بمَ يفعل، فروحي الناقصة حتى لحظة استيقاظه، مثلا؛ توعزني بأنه ما زال غافياً.. ولو كان خارجاً يقضي بعض أولوياته، حينها ترتفع في جسدي حالة الطقس عنده. أنظر إلى وسادتي القريبة من وجهي، و إلى صدري العاري وأتذكر ابتسامته.. السقف في الأعلى صديقي، أسمعه يقول: تحبينه؟ فأجيب: كثيراً.


أغادر السرير متوجه لأقرب مرآة وأسائل نفسي: كيف سيكون شكل العالم اليوم؟ كم مرة سينقذني طيفه من الجدالات السياسية أو التراهات اليومية التي تتبادلها الصديقات؟ أغسل وجهي ومن ثم أمسك برتقالة فأقشرها و أقسمها نصفين لأتناول واحدا وأخبىء له الآخر..


أمسك مقبض الباب وأخرج، أنظر حولي فيتراءى لي محياه في كل شيء، والسماء, صفحة الحب في قلب كل محب حين الصباح؛ تربط على قلبي وتغني لي شوقي له, أرفع صوت مشغل الموسيقى حين تصادفني أغنية لفتنا بحنين معا، وأدندن ما لم يصادفني.. "أحبك لا أعرف حدودا لمحبتي".. أدخل للجامعة وأخرج وأنا على هذه الوتيرة لا أعي غير المسافة بيننا تكسرني.


يا لجموحك يا مسافة، يا معذبتي.. أنتحب إثركِ وينطوي خلالي النهار, كم أنت أنانيٌ أيها العالم.. ما ضرّك لو صافحت وجهه المتعبَ مراراً يزهر عليه الربيع، أطارد أمنياتي في طموحه وأرى الكون مختزلاً في ابتسامته، وأتمسك بيديه حيناً لأقف على حافة مخاوفي وأنساها.


أضع رأسي تحت الغطاء وأدفن الرؤية والدمعة، أشد على يده وتتسرب إليَّ رعشةُ جسده، أسمع الأشجار تنام وأنا حينها فقط؛ أنام.